إفتتح صباح اليوم الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار المعرض الأثري المقام بمتحف الإسماعيلية القومي بعنوان “الآثار على ضفاف قناة السويس” وذلك بحضور اللواء ياسين طاهر محافظ الإسماعيلية وعدد من ممثلي الجيش الثاني المصري ورؤساء قطاعات وزارة الآثار. يأتي هذا المعرض في إطار إحتفالات وزارة الآثار بإفتتاح مشروع قناة السويس الجديدة، ويتضمن 16 قطعة أثرية من مكتشفات البعثات الفرنسية العاملة بطول قناة السويس وضفتيها أثناء أعمال حفر قناة السويس الأولى في أواخر القرن الـ18 وبداية القرن الـ19، كما يستعرض عدداً من القطع الأثرية المكتشفة نتاجاً لأعمال حفائر البعثة المصرية بمحور قناة السويس الجديدة. وأشار وزير الآثار إلي أن اختيار متحف الإسماعيلية تحديداً لإقامة المعرض بإعتباره أول متحف إقليمي يتم إنشاءه بتمويل من قناة السويس العالمية ليضم المقتنيات الأثرية الناتجة عن أعمال الحفائر والتنقيب المقامة في المواقع الأثرية بمحيط إقليم قناة السويس وشمال سيناء أثناء حفر قناة السويس الأولى، ما يجعل من هذا المتحف شاهدا على حقبة تاريخية هامة تجسد جزء من هوية ووجدان الشعب المصري بأكمله بعيداً عن كونه واحد من أهم المتاحف المصرية القومية. كما أعلن الوزير فتح أبواب متحفي الإسماعيلية والسويس القوميان لإستقبال الزوار من المصريين مجانا حتى نهاية الشهر الجاري، بإعتبارهما من أهم المتاحف المصرية والتي تسرد من خلال ما تحويه من كنوز و مقتنيات أثرية فريدة تاريخ القناة منذ بداية الإنشاء، كما تلقي الضوء على سيناء ومدن محور قناة السويس بشكل عام ، لافتاً إلي أن فكرة فتح هذه المزارات الأثرية بالمجان تأتي في إطار حرص الوزارة على تشجيع المواطنين على الاطلاع والتعريف بأهم أحداث وتفاصيل الحضارة المصرية بمختلف المراحل ما يساهم في رفع الوعى الأثري والتاريخي خاصةً لدى الأطفال ويساعد في ترسيخ القواعد السليمة في التعامل مع مقتنياتنا الأثرية والحضارية . وإفتتح الدماطي على هامش فعاليات المعرض مشروع تطوير الحديقة المتحفية لمتحف الإسماعيلية القومي والذي إنتهت وزارة الآثار من أعماله بتكلفة تقدر بحوالي 2 مليون جنيهاً مصرياً، ما يأتي في إطار خطتها العامة لفتح وتطوير مزارات أثرية جديدة تساهم في جذب وتنشيط حركة السياحة الوافدة إلي مختلف المواقع والمتاحف الأثرية. كما ناقش وزير الآثار ضمن فعاليات زيارته إلي المحافظة إمكانية البدء في إعداد قاعة خاصة لبث عرض بانورما التراث داخل المتحف بشكل دائم وهو العرض المعد من قبل مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الإسكندرية، لافتاً إلي أن هذه الخطوة تخلق عنصر جذب جديد لزيارة المتحف والإبحار في تفاصيل الحضارة المصرية القديمة بمختلف العصور، مشيراً إلي انه جاري بحث إمكانية مشاركة كل من المحافظة ومركز التوثيق مع وزارة الآثار في أعمال التجهيز من حيث إعداد وتوفير المبنى والأجهزة اللازمة للعرض. وفي ذات السياق طالب وزير الآثار بضرورة البدء في البث المؤقت لعرض بانوراما التراث داخل الحديقة المتحفية لمتحف الإسماعيلية إبتدء من مساء اليوم الثلاثاء وحتى مساء الخميس المقبل ما يأتي على هامش الفعاليات التي تطلقها الوزارة تزامناً مع إفتتاح القناة الجديدة بالإضافة إلي الاحتفال بالإنتهاء من مشروع تطوير الحديقة المتحفية للمتحف. وقالت الهام صلاح رئيس قطاع المتاحف أن المعرض يتضمن عدد من القطع الأثرية الهامة من بينها رأس مسلة من الحجر الرملي عثر عليها في بداية حفر قناة السويس بالقنطرة شرق، وهذه القطعة مهداه من الملك رمسيس الثاني الي والده الملك سيتي الأول وجده رمسيس الأول لتوضع في معبد حورس الذي كشفت عنه فيما بعد البعثة المصرية للحفائر بتل حبوة بالقنطرة شرق، بالإضافة إلي التمثال من الجرانيت لأبو الهول يرجع لعصر الدولة الوسطى كُشف عنه أثناء أعمال الحفر في تل المسخوطة عام 1876م، وتابوت من الرخام يظهر بالشكل الآدمي يعود إلي العصر البطلمي ويخص شخص يدعى جد حور، والذي يعد نموذجا جيداً لإمتزاج الفن المصري القديم بالفن الإغريقي، وقد تم العثور عليه أثناء أعمال تطهير ترعة الإسماعيلية بتل المسخوطة عام 1983م. من جانبه قال محمد عبد المقصود المشرف على مشروع تطوير المناطق الأثرية بمحور قناة السويس أنه من بين أهم المعروضات يأتي أيضا ثالوث تل المسخوطة، وهو تمثال مصنوع من الجرانيت يمثل الملك رمسيس الثاني بين المعبودين خبري ورع حور آختي ،وهو التمثال الذي كشف عنه “فرانسو فيليب” مدير الأعمال والإنشاءات بشركة قناة السويس العالمية وذلك أثناء إتمام الأعمال الإنشائية بالقرب من تل المسخوطة، بالإضافة إلي لوحة من الحجر الرملي تمثل الملك “رمسيس الثاني” يقدم القرابين للمعبود “رع حور آختي”، وهي من مكتشفات تل المسخوطة عام 1876م، كما يتضمن المعرض لوحة من الموزايك حيث يضم المتحف مجموعة رائعة من الموزايك والذي إكتشفه الأثري الفرنسي “جان كليدا” بالشيخ زويد عام 1913م، وتحمل اللوحة مناظر مقسمة إلي صفوف تجسد أجزاء من الأساطير اليونانية القديمة. أما عن أعمال تطوير الحديقة المتحفية فأوضح المهندس وعد الله محمد رئيس قطاع المشروعات أنها إشتملت على إقامة سور خارجي بطول 170 متراً مزود بأبراج للحراسة مع إتمام أعمال إنارة السور الخارجي وتركيب احدث كاميرات المراقبة، بالإضافة إلي إقامة بوابتين خارجيتين وغرفة للتذاكر بالإضافة إلي إقامة غرفة خاصة لأعمال المراقبة والأمن وإتمام أعمال تنظيف الواجهات الخارجية بالكامل. يذكر أن فكرة إنشاء متحف للآثار بالإسماعيلية بدأت حينما قام “جان كليدا” بأعمال الحفر والتنقيب بإقليم القناة تحت إشراف عالم الآثار “ماسبيرو” مدير مصلحة الآثار المصرية آنذاك، وعندما تكدست المقتنيات الأثرية الناتجة عن أعمال الحفر ظهرت فكرة تخصيص مكان يضم تلك التحف والكنوز، حينها قام “فرديناند ديليسبس” برفع الأمر لإدارة شركة قناة السويس ومن ثم خاطب المسئولون “كليدا” لإعداد كتالوج يضم كافة المقتنيات الأثرية الناتجة عن أعمال التنقيب بالمنطقة مع وصف دقيق لكل قطعة وكذلك تحديد مكان وتاريخ العثور عليها، وفي عام 1885م تم وضع الآثار الضخمة الناتجة عن حفر قناة السويس والمناطق المتاخمة لها في حديقة كبيرة أمام منزل “فرديناند ديليسبس” لتكون بمثابة متحف مفتوح، وفي عام 1910م قام “كليدا” بعرض بعض القطع المكتشفة في فتارين بداخل مقر إقامته بالإسماعيلية وكانت تلك المقتنيات لها كتالوج خاص مدعمه بالصور الفوتوغرافية ليكون بذلك متحف مؤقت لتلك الآثار وأصبح عدد الفتارين بداخل المبنى عام 1914م أربعة فتارين. وعندما تكدست الآثار لدى “كليدا” رحبت شركة قناة السويس ومصلحة الآثار المصرية بفكرة إقامة المتحف، وقد كان أول متحف بمقر إقامة “كليدا” والذي يقع جنوب ميدان شامبليون الحالي، وقد أدى نشوب حريق في هذا المبنى إلي إعادة ترتيب الآثار وعرضها في أجنحة خاصة بالمنزل وبالتالي تحول المنزل إلي متحف مؤقت في عام 1911م. وبنهاية مايو 1912م أعلن وزير الأشغال العامة آنذاك إقامة مبنى يكون علي أرض من أملاك شركة قناة السويس وتكون إدارته الداخلية وسبل الحفاظ والإنفاق عليه من قبل الشركة أيضاً، وذلك تحت إشراف عام من مصلحة الآثار التابعة لوزارة الأشغال العامة وقتها ، ولكن يبدو أن شركة قناة السويس والتي سوف ترتبط بمصلحة الآثار في إطار عملية إنشاء المتحف لم تبد أية بادرة نحو إقامة المتحف سوى تطوير الجناح الخاص الذي أقامه “كليدا” في منزله وتطوير إضاءته ليكون قاعة عرض. وبنهاية المطاف، وبعد محاولات مضنية إستطاع “كليدا” أن يأخذ موافقة إدارة شركة قناة السويس بتخصيص الجناح الذي كانت معروضة به الآثار ليكون مكان المتحف ومن ثم إعادة تطويره. وفي نوفمبر 1913م قام المندوب الأعلى لشركة قناة السويس بالإسماعيلية بتمويل كل مقتضيات المشروع والتي قدرت تكلفته وقتها بحوالي 3800 فرنك فرنسي . وبنهاية عام 1913م إشتمل المتحف علي ستة صالات مشتركة مع قبو المنزل، وقد كان العمل يتم في أوجه حتى جاء موعد رحيل “جان كليدا” النهائي من مصر، وذلك في ربيع عام 1914م، وتوقفت ميزانية تمويل أعمال الحفائر بسبب الحرب العالمية الأولى “1914م-1918م”. وفي عام 1928م أعيدت فكرة بناء متحف الإسماعيلية مرة أخري من خلال المدير العام لشركة قناة السويس وقتها “لويس دي نوجيه” الذي وافق على مبدأ إنشاء مبنى للمتحف بالإسماعيلية يكون مخصصاً لعرض التحف الفنية القديمة التي تم العثور عليها أثناء الحفائر التي كانت تُجرى على ضفاف قناة السويس وتمولها شركة قناة السويس العالمية خلال العشرين عاما الماضية، وكان لابد وأن يقام المبنى علي جزء من حديقة اللوحات والتي تمتلكها قناة السويس، وتم وضع أول لبنة في الموضع الذي كان يشغله محطة مياه قديمة شمال حديقة القصر الخديوي. وفي عام 1930م كانت الآثار المعروضة بالمتحف الجديد بداخل صناديق في قبو المبنى القديم، وفي 13 فبراير عام 1934م تم إفتتاح المتحف رسمياً والذي شيده المهندس الفرنسي “لويس جان أولو”.